ولد المرحوم لسعد بن نجمة يوم 31 أكتوبر 1964 بتونس العاصمة بباب سويقة المدينة العتيقة نهج حمام الرميمي قرب حي الحلفاوين المجاور لباب العسل وباب الأقواس وبطحاء رمضان باي وباب البنات، في حيّ سكني يعج بالموسيقيين والمغنين والشعراء ومكاتب متعهدي الحفلات الموسيقية الوترية والشعبية والنحاسيّة وحوانيت صناعة الآلات الموسيقية، ولعلّ الصدف شاءت أن يلتحق المرحوم كموظف بالمعهد العالي للموسيقى بتونس يوم 19 مارس 1984 ليعيش في فضاء أكاديمي اجتمع فيه الكثير من الموسيقيين والباحثين والمغنين والمدرسين من أجيال مختلفة.

رجل أعطى الكثير من كرمه وخلقه وحياته وبسمته من أجل إسعاد الآخرين، التحق بالمعهد شابا جادا مثابرا مواظبا مجتهدا يقظا صديقا مساعدا للجميع، أعطى الكثير من جهده ومن وقته بسخاء دون حساب، رافق طلبة المعهد العالي للموسيقى في كل مساراتهم الدراسيّة وتقاسم معهم نجاحاتهم وساهم في ظهورهم وشهرتهم داخل المعهد وخارجه وساعدهم في أداء مهامهم الدراسيّة وكذلك المهنيّة. كان المسؤول الأول على ترتيب النشاطات التي يبرمجها المعهد والمخبر الوطني للبحث في الثقافة والتكنولوجيات الحديثة والتنمية من اجتماعات وندوات ومؤتمرات ولقاءات وورشات وعروض تخرّج ومناقشات لرسائل الماجستير والدكتوراه التي كان يستعدّ لها الأيام والساعات والليالي، وفي ذلك ترك مكانا بات من الصعب تعويضه وفراغا سنظل نستشعره كلما حللنا بالمعهد، فكل أروقة المعهد تشهد على حماسه وحركيّته وحسن تواصله وتفانيه في العمل، فهو يظهر في الوقت الضروري وينسحب أيضا في الوقت الضروري وكلما دعوته أو احتجت إليه تجده جنبا إلى جنب معك فيقضّي الأيام والليالي من أجلنا ومن أجل إسعاد الجميع. إن كنتَ كثير الحرص تجده أكثر حرصا وإن كنت مسؤولا تجده أكثر مسؤوليّة، يَغِير كثيرا على معهده ولم يدخر جهدا ولم يبخل يوما بالتضحية من أجل الدفاع عنه والرفع من شأنه وطنيّا ودوليّا كما كان حريصا على أداء واجبه على أكمل وجه من خلال مساعدته للأساتذة في أداء عملهم بتوفير لهم كل المستلزمات الضروريّة للتدريس من معدات لوجستيّة وبيداغوجيّة وأخرى يُحضرها بنفسه حين يعجز الجميع على إيجادها أو توفيرها. نَعِي جيّدا أن ذلك الواجب، ولكن عند لسعد بن نجمة كان عطاءً سخيّا لا يقارن بغيره من العطاء. خارج أسوار المعهد، كان له فضاء آخر ساهم فيه وأبدع أيّما إبداع وكل أصدقائه من الموسيقيين يشهدون بكفاءته، خصاله كثيرة وسيظل التاريخ يخلّدها في ذاكرتنا ونفوسنا جميعا.

هكذا عرف الجميع الصديق العزيز لسعد بنجمة رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.

توفي عشيّة يوم الثلاثاء 27 جوان 2017